الخميس، 8 مايو 2014


قبل أن تغرق السفينة

     ما آل إليه حال الأعمال الفنية من أفلام سينمائية ينم عما آل إليه حال وطن بأكمله من إسفاف وابتذال وسفه وانحطاط في الأخلاق وتراجع في القيم وضمور في الضمير الإنساني، الأمر الذي يدعو إلى الشفقة المصحوبة بألم غائر وحزن عميق في الصدر مما أصبحنا نشاهده في مثل هذه الأعمال التي من المفترض أن تكون انعكاسًا ومرآة صادقة لواقع مجتمعها إلا أنها للأسف أصبحت أداة هدم له ولقيمه ولكل ما أقره العرف وشرَّعه الدين، مما يتطلب وقفة صادقة من عقلاء هذا الوطن والمهتمين بهمومه وتضافر كل جهود أبناء الوطن الشرفاء من مثقفين وفنانين وكتَّاب ومفكرين بل وعامة عقلاء هذا الوطن أيضًا من الحريصين على التشبث بقيمه الأصيلة عبر تاريخه الطويل.
     حقيقة يعرفها كل ذي لب حصيف تمام المعرفة أنَّ مجتمعنا يمر بمرحلة قاسية من الظلام، ليس بسبب ما طرأت عليه من فورات أو ثورات كشفت وفضحت كل ما يعانيه الوطن من فساد وجهل ومرض بل إنها ظواهر كانت موجودة بالفعل ومتغلغلة في المجتمع إلا أنَّ ما صاحبها من انفلات أمني جعل تلك الظواهر السلبية طاغية أمام كل ذي عين مبصرة. فكان متوقعًا أن يعقب هذا الانفلات الأمني الذي تمر به البلاد انفلات أخلاقي لا أظن أن من سبقنا من أجيال قد شاهدوا مثله؛ وذلك لأن ما طرأ من انفلات أمني استتبعته حالة من ضياع هيبة الدولة كدولة وليست كنظام وعدم احترام لما يحكمها ويحكمنا من قوانين، وما دمنا قد نظرنا إلى القانون بهذه العين المجردة من أدنى درجات الاحترام الواجب، فقد تركنا أفعالنا وسلوكياتنا رهنًا لأهوائنا ومصالحنا الشخصية في ظل تراجع للقيم الاجتماعية والنوازع الدينية وفي ظل غياب شبه كامل للضمير الإنساني.
     كل هذا كان مقدمة لتدني تلك الأعمال الفنية حتى بلغ هذا التدني ذروته في فيلم لم يكفيه أن يسوِّق للإسفاف والابتذال وانحطاط الأخلاق ويدعي أنه الواقع وأنه فن – وما هو بواقع ولا هذا بفن -، بل أقحم في هذه الدائرة نماذج لأطفال جعل منهم أبطالاً ويصورهم وهم يتباهون بممارسة الرذيلة أو حتى الادعاء بها والتفاخر بتفجير القنابل وإشاعة البلطجة بين الناس في وقت تحارب فيه الدولة ويحارب فيه المجتمع كل صور العنف. فأي قيم تلك التي تسكن ضمائر هؤلاء المتاجرين بالأطفال وبراءتهم حتى يستخدمونهم للدعاية لأفكارهم المريضة لكسب مزيدًا من الأموال والتخلي عن مزيد من القيم والأخلاق!
     نعم أتحدث عن فيلم "حلاوة روح" الذي أحدث ضجة في الآونة الأخيرة شغلت عقول الكثيرين بدل أن يشغلهم التطلع إلى رفعة وطنهم ... ويبدو أن هذا الفيلم يعلن عن "حلاوة روح" فعلاً ولكن للسينما المصرية قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وليكون هذا العمل المبتذل آخر مسمار في نعشها ما لم يهب عقلاء الوطن للتصدي لتلك الظاهرة التي تفشت وطفح بها الكيل.
     فهل يهب عقلاء الوطن للنجاة بالسفينة وإنقاذ الجميع أم يبقون على صمتهم الذي طال حتى تطاول الباطلُ على الحق وغلب السفيهُ الحليمَ واختلطت موازين الصواب والخطأ؟! فنحن جميعًا في سفينة واحدة إن غرقت غرق الجميع وإن نجت نجا الجميع، ويحضرني هنا قول الرسول الكريم (ص) حين ضرب مثلاً لمن يترك السفيه على سفهه فيهلك أو يأخذ على يديه فينجو كما جاء في الحديث الشريف: {إنَّ قومًا ركبوا سفينةً فاقتسَموها فأصاب كلُّ رجلٍ منهم مكانًا فأخذ رجلٌ منهم الفأسَ فنقر مكانَه قالوا: ما تصنعُ؟ فقال: مكاني أصنعُ به ما شئتُ، فإن أخذوا على يدَيه نجَوا ونجا، وإن تركوه غرِقَ وغرِقوا، فخُذوا على أيدي سُفهائِكم قبل أن تهلِكوا}... فهل آن الأوان لإنقاذ سفينة الوطن قبل أن تغرق؟!

السبت، 21 ديسمبر 2013

المدون:حسن بخيت حسن

الإسم: حسن بخيت حسن 

تاريخ الميلاد: 8 ديسمبر 1982 

المؤهل الدراسي: ليسانس اللغات والترجمة - جامعة الأزهر

التخصص: شعبة الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية 

*مترجم لغة إنجليزية 


* داعية إسلامى 

* كاتب صحفى

الأنشطة الصحفية:

* مؤسس ورئيس تحرير "مجلة المعهد" الطلابية بمعهد رشدي الثانوي الأزهري 

* مؤسس ورئيس تحرير "مجلة القلم" الثقافية الطلابية بكلية اللغات والترجمة 

* عملت كصحفي بالقسم الثقافي بإحدى الصحف المصرية




القلم لسان اليد وترجمان العقل



القلم هو لسان اليد، وترجمان العقل، وهو الوسيلة التي سجلت بها العلوم والآداب والفنون المختلفة منذ أن عرف الإنسان كيف يكتب وكيف يسجل نشاطه العقلي ويكتب تاريخه وأفكاره علي جدران المعابد وعلي جريد النخل والحجارة المستدقة.

* ولقد مر القلم بالعديد من المراحل عبر العصور، من القلم البوصي إلي القلم الإليكتروني، وظهر العلم في العديد من الصور والأشكال وما صدر عنه من خطوط وكتابات في اللغات المختلفة، وتنساب العبارات والتراكيب والصور والأشكال المختلفة بسرعة اللمس .. ولقد تنوعت بذلك أشكال الخطوط وما يصدر عن أرباب الأقلام من علوم وآداب.
* والقلم قد يصدر منه كل علم نافع، و قد ينفث علي العكس السم الناقع .. كم تفنن القلم فأحدث لنا صفحات ومجلدات من العلم القيم و الأدب الرفيع و الفن الراقي .. وكم أعطانا من أفكار وجسد لنا من مشاعر وأحاسيس في أشكال أدبية رائعة معجبة ومطربة.
* قد يخط القلم كلمة فتؤمن الخائف، وتغيث الملهوف وتطمئنه أو تثير لواعج المحب الشجن .. قد ترتفع أنفاس الأقلام بالناس إلي الذري أو تنحط بهم إلي الثري .. إن رؤوس الأقلام مثل رؤوس الناس مملوءة بعلوم وآداب كثيرة ولا تكف تموج بالفكر.


* وللقلم مكانة عظيمة في الإسلام؛ فهو أول ما خلق الله تعالي، وهو الذي به كتب كل ما كان وما هو كائن وما سوف يكون إلي يوم القيامة، والقلم من أسباب التواصل بين البشر .. هو الذي كتب بأمر الرحمن الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وأقسم له بوسيلته حتى يتخذها معينًا، فأقسم بالقلم، والله عز و جل لا يقسم إلا بكل عظيم حتى يلفت أنظارنا إلي الخالق الذي أبدع كل شيء وأتقن صنعه وأحسن خلقه .. ومن هنا كانت عناية الإسلام بالقراءة، فنزلت أولي آيات القرآن الكريم علي رسولنا النبي الأمي تأمره - وتأمر أمته من بعده – بالقراءة:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
وفى واحتنا هذه يطوف القلم لينقل لنا من بساتين العلم والمعرفة والفكر والرأى ما شاء الله له أن يسطر .......